للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما زال جبروت الجبار للجبابرة يتكرر وإن اختلفت أشخاصهم وأماكنهم، والسعيد من اعتبر بغيره.

ثانيًا: جبروته تَعَالَى في الآخرة:

من تأمل في جبروت الله سُبْحَانَهُ ازدادت عظمة الله في قلبه، فالأرض كلها بجبالها وأنهارها، وبحارها وأرضها، وأشجارها وأحجارها، وبيوتها وقصورها، كلها خبزة بيد الجبار يوم القيامة!

عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله : «تَكُونُ الأَرْضُ يَوْمَ القِيَامَةِ خُبْزَةً وَاحِدَةً، يَتَكَفَّؤُهَا الجَبَّارُ بِيَدِهِ، كَمَا يَكْفَأُ أَحَدُكُمْ خُبْزَتَهُ فِي السَّفَرِ، نُزُلًا لِأَهْلِ الجَنَّةِ» (١)، وفي حديث عبد الله بن عمر أن رسول الله قرأ هذه الآية ذات يوم على المنبر: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [الزمر: ٦٧]، ورسول الله يقول هكذا بيده، ويحركها، يقبل بها ويدبر: يُمَجِّدُ الرَّبُّ نَفْسَهُ، أَنَا الجَبَّارُ، أَنَا المُتَكَبِّرُ، أَنَا المَلِكُ، أَنَا العَزِيزُ، أَنَا الكَرِيمُ، فرجف برسول الله المنبر حتى قلنا: ليخرن به» (٢).

وهذا الجبروت والقهر للكفار والمكذبين أعظم وأكبر من جبروته تَعَالَى في الدنيا، فقد توعد سُبْحَانَهُ الجبابرة بالعذاب الشديد؛ فقال: ﴿وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (١٥) مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (١٦)


(١) سبق تخريجه.
(٢) أخرجه أحمد، رقم الحديث: (٢٤١٤)، والنسائي في الكبرى، رقم الحديث: (٧٦٩٦)، حكم الألباني: صحيح، التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان، رقم الحديث: (٧٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>