للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ» (١)، أي: يا الله ألتجئ إليك من ذهاب جميع نعمك الظاهرة والباطنة، الدنيوية والأخروية ما علمتها، وما لم أعلمها؛ لأن نعمك لا تحصى، ولا تعد، ثم يستعيذ من تحول العافية وتبدلها.

ومن أعظم أسباب زوال الهبات والنعم ما يلي:

- الذنوب والمعاصي:

وقد حذر الله عباده من الذنوب والمعاصي، وبين أنها سبب الهلاك والعقاب، يقول تَعَالَى: ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ﴾ [المائدة: ٤٩]، وقال تَعَالَى: ﴿أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ﴾ [الأعراف: ١٠٠].

يقول ابن القيم (٢): «ومن عقوبات الذنوب: أنها تزيل النعم، وتحل النقم، فما زالت عن العبد نعمة إلا بذنب، ولا حلت به نقمة إلا بذنب، كما قال علي بن أبي طالب : ما نزل بلاء إلا بذنب، ولا رُفِعَ إلا بتوبة، وقد قال تَعَالَى: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ [الشورى: ٣٠]، وقال تَعَالَى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ [الأنفال: ٥٣]، فأخبر الله تَعَالَى أنه لا يغير نعمه التي أنعم بها على أحد حتى يكون هو الذي يغير ما بنفسه، فيغير طاعة الله بمعصيته، وشكره بكفره، وأسباب رضاه بأسباب سخطه، فإذا غير غير عليه، جزاء وفاقًا، وما ربك بظلام للعبيد.


(١) أخرجه مسلم، رقم الحديث: (٢٧٣٩).
(٢) الجواب الكافي (ص ٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>