للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول تَعَالَى: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (٨) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا﴾ [الإنسان: ٨ - ٩].

بل إن من أسباب دوام الهبات والنعم: بذل حقها وزكاتها، بنفع الآخرين، فمن كان ذو موهبة من علم أو صنعة أو مال، عليه ألا يبخل ببذله لمن احتاجه، وإلا نُزعت هذه النعمة، يقول : «إِنَّ للهِ عِبَادًا اخْتَصَّهُمْ بِالنِّعَمِ لمنَافِعِ العِبَادِ، يُقِرُّهُمْ فِيهَا مَا بَذَلُوهَا، فَإِذَا مَنَعُوهَا نَزَعَهَا مِنْهُمْ، فَحَوَّلَهَا إِلَى غَيْرِهِمْ» (١).

ويقول تَعَالَى في النهي عن البخل لمن كان ذا صنعة، في آية الدَّيْن: ﴿وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ﴾ [البقرة: ٢٨٢]، وفي إنفاق المال يقول تَعَالَى: ﴿آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ﴾ [الحديد: ٧]، وعن أبي سعيد الخدري ، قال: «بَيْنَمَا نَحْنُ فِي سَفَرٍ مَعَ النَّبِيِّ ، إِذْ جَاءَ رَجُلٌ عَلَى رَاحِلَةٍ لَهُ قَالَ: فَجَعَلَ يَصْرِفُ بَصَرَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَقَالَ: رَسُولُ اللهِ : مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا ظَهْرَ لَهُ، وَمَنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ مِنْ زَادٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا زَادَ لَهُ. قَالَ: فَذَكَرَ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ مَا ذَكَرَ، حَتَّى رَأَيْنَا أَنَّهُ لَا حَقَّ لِأَحَدٍ مِنَّا فِي فَضْلٍ» (٢).

وقد كان الصحابة يتنافسون في البذل والصدقة والهبة لمن يحتاج، فعن عمر بن الخطاب ، قال: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ يَوْمًا أَنْ نَتَصَدَّقَ، فَوَافَقَ ذَلِكَ مَالًا عِنْدِي، فَقُلْتُ: الْيَوْمَ أَسْبِقُ أَبَا بَكْرٍ إِنْ سَبَقْتُهُ يَوْمًا، فَجِئْتُ بِنِصْفِ مَالِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟ فَقُلْتُ: مِثْلَهُ قَالَ: وَأَتَى أَبُو بَكْرٍ بِكُلِّ مَا عِنْدَهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ: مَا أَبْقَيْتَ


(١) أخرجه الطبراني في الأوسط، رقم الحديث: (٥١٦٢) حكم الألباني: حسن، صحيح الجامع الصغير وزيادته، رقم الحديث: (٢١٦٤).
(٢) أخرجه مسلم، رقم الحديث: (١٧٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>