للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبالغة في (الوهاب) على أنه تَعَالَى يهب الكثير والعظيم؛ لأن المبالغة تفيد شدة الكمية أو شدة الكيفية أو كلتيهما بقرينة مقام الدعاء، فمغفرة الذنب من المواهب العظيمة؛ لما يرتب عليه من درجات الآخرة» (١).

كما كان النبي يكثر أن يقول: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي» فلما نزلت ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾ [النصر: ١] قال: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي؛ إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ» (٢)، وكان إذا استيقظ من الليل قال: «لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، سُبْحَانَكَ، اللهمَّ أَسْتَغْفِرُكَ لِذَنْبِي، وَأَسْأَلُكَ رَحْمَتَكَ، اللهمَّ زِدْنِي عِلْمًا، وَلَا تُزِغْ قَلْبِي بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنِي، وَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً، إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ» (٣).

فكان دعاء المغفرة وسؤال الثبات من رسول الله لربه باسمه الوهاب، وكذلك سأل الراسخون في العلم ربهم الوهاب أن يثبتهم على الهداية ﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾ [آل عمران: ٨].

فمهما كانت أمانيك ومطالبك في الدنيا والآخرة، سلها كثيرَ العطايا والهبات، وثق بأن الوهاب كريم لا يعجزه شيء سُبْحَانَهُ.

﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾ [آل عمران: ٨].


(١) التحرير والتنوير (٢٣/ ٢٦٣).
(٢) أخرجه الحاكم، رقم الحديث (١٨٥٥)، وقال: إسناد صحيح إن كان أبو عبيدة بن عبدالله بن مسعود سمع من أبيه، ولم يخرجاه.
(٣) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>