أمنية عباد الله الصالحين- الذين أثنى الله على دعائهم في القرآن-: الوفاة مع الأبرار، يقول تَعَالَى: ﴿رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ﴾ [آل عمران: ١٩٣] وقد ذكر القَفَّال في تفسير هذه المعية وجهين:
أن وفاتهم معهم هي أن يموتوا على مثل أعمالِهم، حتى يكونوا في درجاتهم يوم القيامة، فقد يقول الرجل: أنا مع الشافعي في هذه المسألة، ويريد به كونَهُ مساويًا له في ذلك الاعتقاد.
يقال: فلان في العطاء مع أصحاب الألوف، أي: هو مشارك لهم في أنه يعطي ألفًا.
النعيم العظيم في الحياة الدنيا، وفي البرزخ، ويوم القيامة، يكون للأبرار، يقول ابن القيم ﵀(١): «ولا تظنَّ أن قوله تَعَالَى: ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (١٣) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ﴾ [الانفطار: ١٤ - ١٣] يختص بيوم المعاد فقط، بل هؤلاء في نعيم في دُورِهِمُ الثلاثةِ، وهؤلاء في جحيم في دورهم الثلاثة، وأي لذة ونعيم في الدنيا أطيب مِن بِر القلب وسلامة الصدر، ومعرفة الرَّب تَعَالَى، ومحبته والعمل على موافقته.
الخير العظيم من الله الذي يرتقبه الأبرار، فهو جنات تجري من تحتها الأنهار، تأمَّلْ قوله تَعَالَى: ﴿لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ﴾ [آل عمران: ١٩٨].