للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهو الديان الذي يملك يوم الدين، كما قال سُبْحَانَهُ: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ [الفاتحة: ٤] أي: يوم القيامة، وإنما سمي بيوم الدين؛ لأنه يوم الجزاء على الأعمال، قال ابن عباس : «ويوم الدين يوم الحساب للخلائق، وهو يوم القيامة يدينهم بأعمالهم، إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر، إلا من عفا عنه» (١).

فلا يضيع عمل خلقه، بل يجازيهم على الخير والشر وإن صغر وقل، قال تَعَالَى: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ [الزلزلة: ٧ - ٨] وقال تَعَالَى: ﴿الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ [غافر: ١٧]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ﴾ [محمد: ٣٥].

وهذا الجزاء قد يعجل لصاحبه في الدنيا، وهذا يكثر في أعمال البر التي يعملها الكفار، كما جاء في الحديث: «إِنَّ اللهَ لَا يَظْلِمُ مُؤْمِنًا حَسَنَةً يُعْطَى بِهَا فِي الدُّنْيَا، وَيُجْزَى بِهَا فِي الْآخِرَةِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيُطْعَمُ بِحَسَنَاتٍ مَا عَمِلَ بِهَا لِلهِ فِي الدُّنْيَا، حَتَّى إِذَا أَفْضَى إِلَى الْآخِرَةِ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَةٌ يُجْزَى بِهَا» (٢)، وربما يؤخر الجزاء إلى الآخرة، وربما يجمع لصاحبه بين الجزاءين؛ جزاء الدنيا والآخرة، نسأل الله من فضله.


(١) تفسير ابن كثير (١/ ١٣٤).
(٢) أخرجه مسلم، رقم الحديث: (٢٨٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>