للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحاسبة على عمل كان تركه خيرًا من فعله، ويدخل في هذا: المعاصي، والاشتغال بالمفضول عن الفاضل، فيحاسب نفسه عليها باللوم والتوبيخ والندم ونحو ذلك.

المحاسبة على العمل المباح، هل كان له فيه نية صالحة يحصل بها الأجور، أم غفل عن ذلك وعمله على سبيل العادة، ففاته الأجر؟

ويمكن للإنسان أن يحاسب نفسه أيضًا عن طريق التفكر في الجوارح: ماذا فعلت برجلي؟ بيدي؟ بسمعي؟ ببصري؟ بلساني؟ ثم التفكر في النوايا: ماذا أردت بعملي هذا؟ وما نيتي فيه؟ ونحو ذلك.

فيجعل له ساعة من ليل أو نهار يطالب فيها نفسه، ويحاسبها على جميع ما كان منها، كما يفعل التجار في الدنيا مع الشركاء، فينظر في رأس المال وفي الربح وفي الخسران لتتبين له الزيادة من النقصان، فرأس المال في دينه: الفرائض، وربحه: النوافل والفضائل، وخسرانه: المعاصي.

قال وهب بن منبه : «مكتوب في حكمة آل داود: حق على العاقل أن لا يغفل عن أربع ساعات: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يخلو فيها مع إخوانه الذين يخبرونه بعيوبه ويصدقونه عن نفسه، وساعة يخلو فيها بين نفسه وبين لذاتها فيما يحل ويحمد؛ فإن في هذه الساعة عونًا على تلك الساعات، وإجمامًا للقلوب» (١).


(١) إغاثة اللهفان (١/ ١٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>