للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾ [فصلت: ٤٤]، ففي هذه الآية: «يخبر تَعَالَى عن فضله وكرمه، حيث أنزل كتابًا عربيًّا، على الرسول العربي، بلسان قومه؛ ليبين لهم، وهذا مما يوجب لهم زيادة الاعتناء به، والتلقي له والتسليم، وأنه لو جعله قرآنًا أعجميًّا، بلغة غير العرب، لاعترض المكذبون، وقالوا: ﴿لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ﴾ [فصلت: ٤٤] أي: هلَّا بُيِّنَت آياته، ووُضِّحت وفُسِّرت ﴿أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ﴾ [فصلت: ٤٤] أي: كيف يكون محمد عربيًّا، والكتاب أعجمي؟ هذا لا يكون!! فنفى الله تَعَالَى كل أمر يكون فيه شبهة لأهل الباطل عن كتابه، ووصفه بكل وصف يوجب لهم الانقياد، ولكن المؤمنون الموفقون انتفعوا به، وارتفعوا، وغيرهم بالعكس من أحوالهم» (١).

٢ - البيان في المعنى:

يقول تَعَالَى: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ [النحل: ٨٩] «أي: في أصول الدين وفروعه، وفي أحكام الدارين وكل ما يحتاج إليه العباد، فهو مبين فيه أتم تبيين بألفاظ واضحة ومعان جلية، حتى إنه تَعَالَى يثني فيه الأمور الكبار التي يحتاج القلب لمرورها عليه كل وقت، وإعادتها في كل ساعة، ويعيدها ويبديها بألفاظ مختلفة وأدلة متنوعة لتستقر في القلوب، فتثمر من الخير والبر بحسب ثبوتها في القلب، وحتى إنه تَعَالَى يجمع في اللفظ القليل الواضح معاني كثيرة، يكون اللفظ لها كالقاعدة والأساس» (٢).


(١) تفسير السعدي (١/ ٧٥١).
(٢) تفسير السعدي (١/ ٤٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>