للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما كانت هذه المنزلة لهذا الكتاب العظيم:

لأنه «قرر ما في الكتب المتقدمة من الخبر عن الله وعن اليوم الآخر، وزاد ذلك بيانًا وتفصيلًا، وبين الأدلة والبراهين على ذلك، وقرر نبوة الأنبياء كلهم ورسالة المرسلين، وقرر الشرائع الكلية التي بعثت بها الرسل كلهم، وجادل المكذبين بالكتب والرسل بأنواع الحجج والبراهين، وبين عقوبات الله لهم ونصره لأهل الكتب المتبعين لها، وبين ما حرف منها وبدل وما فعله أهل الكتاب في الكتب المتقدمة، وبين- أيضًا- ما كتموه مما أمر الله ببيانه، وكل ما جاءت به النبوات بأحسن الشرائع والمناهج التي نزل بها القرآن، فصارت له الهيمنة على ما بين يديه من الكتب» (١).

ولأن الله تكفل بحفظه، فلا يصير إليه النسخ ألبتة، ولا يتطرق إليه التبديل والتحريف، وبهذا تكون شهادته على الكتب السابقة باقية أبدًا، فيبقى العلم بها ببقائه (٢).

فإذا تبين هذا؛ فليعلم العبد أن من الإيمان بالقرآن: الإيمان بهيمنته، وهذا الإيمان واليقين يورث في النفس تعظيمه وإجلاله والفرح به أعظم الفرح، كما قال سُبْحَانَهُ: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (٥٧) قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ [يونس: ٥٧ - ٥٨].

كما أنه يثمر العمل والحكم به وتحكيمه ورفض ما سواه من أحكام وأهواء، كما نبه الله ﷿ على ذلك، فقال: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا


(١) مجموع الفتاوى (١٧/ ٤٤).
(٢) ينظر: تفسير الرازي (١٢/ ٣٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>