للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسيف صلتًا في يده، فقال له: من يمنعك مني؟ فقال رسول الله : اللهُ، ثم قال في الثانية: من يمنعك مني؟ فقال: اللهُ، فشام (١) الأعرابي السيف» (٢).

أَنَّهُ غَزَا مَعَ النَّبِيِّ فَأَدْرَكَتْهُمُ الْقَائِلَةُ فِي وَادٍ كَثِيرِ الْعِضَاهِ فَتَفَرَّقَ النَّاسُ فِي الْعِضَاهِ يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ فَنَزَلَ النَّبِيُّ تَحْتَ شَجَرَةٍ فَعَلَّقَ بِهَا سَيْفَهُ ثُمَّ نَامَ فَاسْتَيْقَظَ وَعِنْدَهُ رَجُلٌ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ بِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ : إِنَّ هَذَا اخْتَرَطَ سَيْفِي فَقَالَ: مَنْ يَمْنَعُكَ قُلْتُ: اللهُ فَشَامَ السَّيْفَ فَهَا هُوَ ذَا جَالِسٌ. ثُمَّ لَمْ يُعَاقِبْه.

قال ابن حجر : «وكأن الأعرابي لما شاهد ذلك الثبات العظيم، وعرف أنه حيل بينه وبينه تحقق صدقه، وعلم أنه لا يصل إليه، فألقى السلاح وأمكن من نفسه» (٣).

وفي غزوة الأحزاب، ضرب الكفار على المسلمين حصارًا عسكريًّا مهيبًا، قال الله عنه: ﴿إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (١٠) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا﴾ [الأحزاب: ١٠ - ١١] فما كان من المؤمنين إلا أن قالوا: ﴿هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: ٢٢]، فرد الله الأحزاب بغيظهم، لم ينالوا خيرًا، وكفى المؤمنين القتال، وكان الله قويًّا عزيزًا مهيمنًا.


(١) أي: أغمد السيف. فتح الباري، لابن حجر (٧/ ٤٢٧).
(٢) أخرجه البخاري، رقم الحديث: (٢٩١٣)، ومسلم، رقم الحديث: (٨٤٣).
(٣) فتح الباري، لابن حجر (٧/ ٤٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>