للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحق الذي لا يصدر منه إلا الحق ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١١٥)[الأنعام: ١١٥].

قال ابن كثير : «صدقًا في الأخبار وعدلًا في الطلب، فكل ما أخبر به فحق لا مرية فيه ولا شك، وكل ما أمر به فهو العدل الذي لا عدل سواه، وكل ما نهى عنه فباطل، فإنه لا ينهى إلا عن مفسدة» (١).

فينشأ من ذلك القبول التام، والإذعان والتسليم ﴿سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا﴾ [البقرة: ٢٨٥]، سواء علمت الحكمة أو لم تعلم فالأمر سواء لليقين بأنها كلها حق؛ لأنها من عند الحق سُبْحَانَهُ.

والتسليم لله ﷿ من أخص أركان الدين، وبه يجوز العبد الصراط، وتثقل به الموازين، وهو من أوجب الواجبات، وأعلى القربات؛ بل «إن مبنى العبودية والإيمان بالله وكتبه ورسله على التسليم، وعدم الخوض في تفاصيل الحكمة في الأوامر، والنواهي، والشرائع؛ ولهذا لم يحك الله سُبْحَانَهُ عن أمة نبي صدقت نبيها وآمنت بما جاء به، أنها سألته عن تفاصيل الحكمة فيما أمرها به، ونهاها عنه، ولو فعلت ذلك لما كانت مؤمنة بنبيها، بل انقادت، وسلمت، وأذعنت، وما عرفت من الحكمة عرفته، وما خفي عنها لم تتوقف في انقيادها، وإيمانها، واستسلامها على معرفته، ولا جعلت طلبه من شأنها» (٢).

وقد علَّم رسول الله أمته الانقياد التام والاستلام لأمر الله، فحينما نزل قوله سُبْحَانَهُ: ﴿وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ


(١) تفسير ابن كثير (٣/ ٣٢٢).
(٢) الصواعق المرسلة، لابن القيم (٤/ ١٥٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>