للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ﴾ [الصف: ٥]، ﴿ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ﴾ [التوبة: ١٢٧].

يقول ابن القيم في ذلك: «وهكذا إذا أعرض العبد عن ربه سُبْحَانَهُ؛ جازاه بأن يعرض عنه، فلا يمكنه من الإقبال إليه» (١)، ثم قال: «هم دائرون بين عدله وحجته عليهم، فمكنهم وفتح لهم الباب، ونهج لهم الطريق، وهيأ لهم الأسباب، فأرسل إليهم رسله، وأنزل عليهم كتبه، ودعاهم على ألسنة رسله، وجعل لهم عقولًا تميز بين الخير والشر، والنافع والضار، وأسباب الردى وأسباب الفلاح، وجعل لهم أسماعًا وأبصارًا، فآثروا الهوى على التقوى، واستحبوا العمى على الهدى، وقالوا: معصيتك آثر عندنا من طاعتك، والشرك أحب إلينا من توحيدك، وعبادة سواك أنفع لنا في دنيانا من عبادتك، فأعرضت قلوبهم عن ربهم وخالقهم ومليكهم، وانصرفت عن طاعته ومحبته، فهذا عدله فيهم، وتلك حجته عليهم، فهم سدُّوا على أنفسهم باب الهدى إرادة منهم واختيارًا، فسده عليهم اضطرارًا، فخلاهم وما اختاروا لأنفسهم، وولاهم ما تركوه ومكنهم فيما ارتضوه، وأدخلهم من الباب الذي استبقوا إليه، وأغلق عنهم الباب الذي تولوا عنه، وهم معرضون، فلا أقبح من فعلهم، ولا أحسن من فعله» (٢).


(١) تقسير القيم (ص: ٣١٤).
(٢) المرجع السابق (ص: ٣١٤ - ٣١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>