للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«وهذا يدل على كمال عظمته وسعة سلطانه، إذا كان هذه حالة الكرسي أنه يسع السماوات والأرض على عظمتهما وعظمة من فيهما، والكرسي ليس أكبر مخلوقات الله تَعَالَى، بل هنا ما هو أعظم منه وهو العرش، وما لا يعلمه إلا هو، قال رسول الله : «يَا أَبَا ذَرٍّ، مَا السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ فِي الكُرْسِيِّ إِلَّا كَحَلْقَةٍ مُلْقَاةٍ فِي أَرْضٍ فَلَاةٍ، وَفَضْلُ العَرْشِ عَلَى الكُرْسِيِّ كَفَضْلِ الفَلَاةِ عَلَى تِلْكَ الحَلْقَةِ» (١).

«وفي عظمة هذه المخلوقات تحير الأفكار وتكل الأبصار، وتقلقل الجبال وتكع عنها فُحولُ الرجال، فكيف بعظمة خالقها ومبدعها، والذي أودع فيها من الحكم والأسرار ما أودع، والذي قد أمسك السماوات والأرض أن تزولا من غير تعب ولا نصب» (٢).

- سعة علم الواسع:

الله تَعَالَى واسع في علمه، شامل محيط لا يندُّ عنه شيء في الزمان ولا المكان، ولا الأرض ولا السماء، ولا البر ولا البحر، فسواء عنده ما كان في جوف الأرض أو طباق الجو، لا يخفاه علم حي أو ميت، يابس أو رطب، يقول سُبْحَانَهُ: ﴿وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ [الأعراف: ٨٩]، ويقول تَعَالَى أيضًا: ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ [الأنعام: ٥٩].


(١) أخرجه أبو الشيخ في كتاب (العظمة) (٢/ ٥٦٩). حكم الألباني: صحيح، السلسلة الصحيحة، رقم الحديث: (١٠٩).
(٢) تفسير السعدي (ص: ١١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>