للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول الطاهر ابن عاشور : «﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ﴾ [السجدة: ١٧]، أي: لا تبلغ نفس من أهل الدنيا معرفة ما أعد الله لهم، قال النبي : «قَالَ اللهُ تَعَالَى: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِيَ الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ» (١).

فدل على أن المراد بـ «نفس» في هذه الآية أصحاب النفوس البشرية.

فإن مدركات العقول منتهية إلى ما تدركه الأبصار من المرئيات من الجمال والزينة، وما تدركه الأسماع من محاسن الأقوال ومحامدها ومحاسن النغمات، وإلى ما تبلغ إليه المتخيلات من هيئات يركبها الخيال، من مجموع ما يعهده من المرئيات والمسموعات، مثل الأنهار من عسل أو خمر أو لبن، ومثل القصور والقباب من اللؤلؤ، ومثل الأشجار من زبرجد، والأزهار من ياقوت، وتراب من مسك وعنبر، فكل ذلك قليل في جانب ما أعد لهم في الجنة من هذه الموصوفات (٢).

ويعقد لنا الشيخ السعدي مقارنة سريعة بين الدنيا والآخرة؛ ليحث العباد إلى السعي؛ لتحصيل ما أعده الواسع لخلقه من النعيم في الآخرة:

«فكيف إذا وازنت بين الدنيا والآخرة، وأن الآخرة خير منها، في ذاتها، ولذاتها وزمانها، فذاتها- كما ذكر النبي في الحديث الثابت عنه- أنَّ مَوْضِعُ سَوْطٍ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا (٣)، ولذاتها صافية عن


(١) سبق تخريجه.
(٢) التحرير والتنوير، لابن عاشور (٢١/ ٢٢٩ - ٢٣٠).
(٣) أخرجه البخاري، رقم الحديث: (٣٢٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>