للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا يعلق العبد قلبه بالأسباب، بل يعلقه بمسببها، ولا يتشوش إذا انسد عنه باب منها، فإنه يعلم أن الله واسع عليم، وأن طرق فضله لا تعد ولا تحصى، وأنه إذا انغلق منها شيء انفتح غيره مما قد يكون خيرًا وأحسن للعبد عاقبة.

قالتَعَالَى مشيرًا إلى هذه الحالة التي كثير من الناس لا يوفقون لها-: ﴿وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا﴾ [النساء: ١٣٠] لما كانت هذه الحال، وهي حال الفراق يغلب على كثير من الزوجات الحزن، ويكون أكبر داع لهذا الحزن ما تتوهمه من انقطاع رزقها من هذه الجهة التي تجري عليها، فوعد الله الجميع وبشَّرهم بفتح أبواب الخير لهم، وأنه سيعطيهم من واسع فضله، أما هذه فبزوجٍ هو أصلَحُ لها من المطلِّق الأوِّل، أو برزق واسع وعصمة، وأما هذا فبرزق واسع وزوجة هي أصلح له من المطلَّقة، أو عفَّة ﴿وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا﴾ [النساء: ١٣٠] لهما في رزقه إياهما وغيرهما من خلقه.

وكم من عبد بهذه المثابة له سبب وجهة من الجهات التي يجري عليه الرزق، فانغلقت، ففتح الله له بابًا أو أبوابًا من الرزق والخير، وبهذا يعرف الله، ويعلم أن الأمور كلها منه، وأنه ﴿مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ﴾ [فاطر: ٢].

فالله سُبْحَانَهُ واسع العلم بحال خلقه، كثير الإفضال على خلقه، والخلق كلهم يتقلبون في رحمته وفضله، يعطي من يشاء ويمنع، ويخفض من يشاء ويرفع، بعلمه الذي وسع كل شيء وحكمته.

<<  <  ج: ص:  >  >>