وقال تَعَالَى عن النار: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا﴾ [التوبة: ٦٨]، وقال تَعَالَى: ﴿وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ﴾ [غافر: ٦].
ووعد بالساعة فهي حق واقعة لا ريب فيها ﴿وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ﴾ [الحج: ٧]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا﴾ [النبأ: ٣٩].
فإذا استقرت هذه الحقائق في قلب العبد المؤمن حمله ذلك على الاستعداد للقاء ربه، والشوق إلى جنته، والخوف من عذابه، وهذا يثمر التقوى في القلب، والتي علامتها امتثال أوامر الله ﷿ وترك مناهيه بإخلاص ومتابعة، والاستقامة على ذلك.
روى الطبراني عن الحارث بن مالك الأنصاري، «أنه مر برسول الله ﷺ، فقال له: كَيْفَ أَصْبَحْتَ يَا حَارِثُ؟ قال: أصبحت مؤمنًا حقًّا، فقال: انْظُرْ مَا تَقُولُ؟ فَإِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ حَقِيقَةً، فَمَا حَقِيقَةُ إِيمَانِكَ؟ فقال: قد عزفت نفسي عن الدنيا، وأسهرت لذلك ليلي، واطمأن نهاري، وكأني أنظر إلى عرش ربي بارزًا، وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتزاورون فيها، وكأني أنظر إلى أهل النار يتضاغون فيها، فقال: يَا حَارِثُ عَرَفْتَ فَالْزَمْ، ثلاثًا»(١).
وكان رسول الله ﷺ يستفتح صلاته من الليل بذكر هذا المعنى، كما في حديث ابن عباس ﵄، «كان النبي ﷺ إذا قام من الليل يتهجد قال: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ، أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ الحَمْدُ
(١) أخرجه الطبراني في الكبير، رقم الحديث: (٣٣٦٧)، والبيهقي في شعب الإيمان، رقم الحديث: (١٠١٠٧)، حكم الألباني: ضعيف، تحقيق الإيمان، لابن أبي شيبة (ص ٤٣).