للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبيَّن الله سُبْحَانَهُ في مواضع كثيرة أن جمال الظاهر لا يكفي، وأمر وأوصى نبيه وأمته بالتجمل في الأقوال والأفعال في آيات عديدة:

فأمر تَعَالَى بالصبر الجميل في قوله: ﴿فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا﴾ [المعارج: ٥] أي: «اصبر على دعوتك لقومك صبرًا جميلًا، لا تضجر فيه ولا ملل، بل استمر على أمر الله، وادع عباده إلى توحيده، ولا يمنعك عنهم ما ترى من عدم انقيادهم، وعدم رغبتهم؛ فإن في الصبر على ذلك خيرًا كثيرًا» (١).

وأمر تَعَالَى بالهجر الجميل في قوله سُبْحَانَهُ: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ [المزمل: ١٠] «أمره بالصبر على ما يقول فيه المعاندون له ويسبونه ويسبون ما جاء به، وأن يمضي على أمر الله، لا يصده عنه صادٌّ، ولا يرده رادٌّ، وأن يهجرهم هجرًا جميلًا، وهو الهجر حيث اقتضت المصلحة، الهجر الذي لا أذية فيه، فيقابلهم بالهجر والإعراض عنهم وعن أقوالهم التي تؤذيه، وأمره بجدالهم بالتي هي أحسن» (٢)، وقيل: الهجر في ذات الله، كما قال ﷿: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ [الأنعام: ٦٨].

وأمر سُبْحَانَهُ بالصفح الجميل، في قوله تَعَالَى: ﴿خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ﴾ [الحجر: ٨٥]، أي: الحسن الذي قد سلم من الحقد والأذية القولية والفعلية، دون الصفح الذي ليس بجميل، وهو الصفح في غير محله، فلا يصفح حيث اقتضى المقامُ


(١) تفسير السعدي (ص ٨٨٥).
(٢) المرجع السابق (ص: ٨٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>