للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن القيم : «العلم والحكمة متضمنان لجميع صفات الكمال، فالعلم يتضمن الحياة ولوازم كمالها من: القيومية والقدرة، والبقاء، والسمع، والبصر، وسائر الصفات التي يستلزمها العلم التام.

والحكمة تتضمن كمال الإرادة والعدل، والرحمة، والإحسان، والجود، والبر، ووضع الأشياء مواضعها على أحسن وجوهها، ويتضمن إرسال الرسل، وإثبات الثواب والعقاب» (١).

وقال: «خلقه وأمره صدرا عن حكمته وعلمه، وحكمته وعلمه اقتضيا ظهور خلقه وأمره، فمصدر الخلق والأمر عن هذين المتضمنين لهاتين الصفتين؛ ولهذا يقرن سُبْحَانَهُ بينهما عند ذكر إنزال كتابه، وعند ذكر ملكه وربوبيته؛ إذ هما مصدر الخلق والأمر» (٢).

ويلاحظ أن الله ﷿ تارة يقدم اسمه العليم على الحكيم، وتارة عكس ذلك.

فإن سأل سائل: ما السر في ذلك؟

أجيب: بأن الآيات التي تقدم فيها العليم على الحكيم منوطة بمقام العلم أولًا، ثم بالحكمة: «ففي مقام الاعتراف بالعجز وقصور العلم يقابله- ولا بد- الإقرار والتسليم للعليم؛ فإذا كان (العليم) هو (الحكيم) فذلك هو العلم البالغ حد الكمال، فيكون الاعتراف مصحوبًا بغاية الرضا والتسليم، كما في قوله تَعَالَى عن الملائكة: ﴿قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾ [البقرة: ٣٢].


(١) الرسالة التبوكية (ص ٦٩).
(٢) الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة (٤/ ١٥٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>