للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم زاد المحسنُ أمةَ محمد إحسانًا وفضلًا، بأن شرع لها أحسن الأديان دين الإسلام، قال تَعَالَى: ﴿صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ﴾ [البقرة: ١٣٨]، قال الطبري : «يعنى تَعَالَى ذكره بـ (الصبغة: صبغة الإسلام) (١)، وكمَّله لهم غاية الإكمال، قال سُبْحَانَهُ: ﴿أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ [المائدة: ٣]، وأنزل لهم أحسن كتاب، وأكمل حديث، قال سُبْحَانَهُ: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ﴾ [الزمر: ٢٣] فألفاظه أفصح الألفاظ وأوضحها، ومعانيه أجلُّ المعاني وأعظمها، وقصصه أصدق القصص وأحقُّها، قال تَعَالَى: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ﴾ [يوسف: ٣]، فكان بذلك متشابهًا في الحسن والائتلاف وعدم الاختلاف، بوجه من الوجوه (٢).

وأما إحسانه الخاص:

فإحسان المحسن سُبْحَانَهُ إلى أوليائه وأهل طاعته، فأحسن إليهم أعظم الإحسان بأن هداهم للدين الحق، وأخرجهم من الظلمات إلى النور، ويسرهم لليسرى وجنبهم العسرى، ثم أحسن إليهم بما علَّمهم من دينه وشرعه، ورزقهم العمل به، فوفقهم للطاعات ودفع عنهم الصوارف والعوائق الحائلة بينهم وبين فعلها، وأحسن إليهم بعصمته لهم من الذنوب والآثام، فما من قول طاعة ولا فعل طاعة ولا مسابقة للخيرات إلا والله المحسن به على العبد، وما من حرام ولا مكروه ترك ولا مشتبه تورع عنه إلا والله المحسن به


(١) تفسير الطبري (٣/ ١١٧).
(٢) ينظر: تفسير السعدي (ص: ٣٩٣، ٧٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>