للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويجعل لكل شيء قدرًا، ولكل أمر منتهى، بحسب ما تقتضيه حكمته الربانية: ﴿قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾ [يوسف: ٨٣] (١).

حكمته سُبْحَانَهُ في دينه وشرعه:

يحكم الله سُبْحَانَهُ في عباده بشرعه أمرًا ونهيًا، وتحليلًا وتحريمًا لحكمة ومصلحة عائدة على العباد في الدارين، قال تَعَالَى في آيات الأحكام: ﴿ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [الممتحنة: ١٠]، وقال: ﴿وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [النور: ١٨].

اقتضت حكمته سُبْحَانَهُ أن لا يترك عباده هملًا ولا سدى، بل يبعث فيهم الرسل وينزل الكتب، فيأمرهم وينهاهم، قال تَعَالَى: ﴿رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾ [النساء: ١٦٥]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٢) وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٣) ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ [الجمعة: ٢ - ٤] (٢).

قال الشيخ السعدي : «شرع الشرائع، وأنزل الكتب وأرسل الرسل ليعرفه العباد، ويعبدوه، فأي حكمة أجلُّ من هذا، وأي فضل، وكرم أعظم من هذا؛ فإن معرفته تَعَالَى، وعبادته وحده لا شريك له، وإخلاص العمل


(١) ينظر: المرجع السابق (ص ٤٠٤).
(٢) ينظر: المرجع السابق (ص ٦٠١، ٨٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>