للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضَلَالًا بَعِيدًا﴾ [النساء: ٦٠]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ [المائدة: ٥٠].

قال العلامة ابن كثير : «ينكر تَعَالَى على من خرج عن حكم الله- المحكم المشتمل على كل خير، الناهي عن كل شر- وعدل إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات، التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله، كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات، مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم، وكما يحكم به التتار من السياسات الملكية» (١).

التحذير من الحكم بغير ما أنزل، قال تَعَالَى: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (٤٩) أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ [المائدة: ٤٩، ٥٠]، فحذر من عدم تحكيم شرع الله في القليل والكثير والصغير والكبير، وبيَّن أن التولي عن حكمه وعدم قبول شيء منه ذنب عظيم موجب للعقاب الأليم.

فتبين مما سبق: أن توحيد الله سُبْحَانَهُ في الحكم، وتحكيم شرعه واجب وفرض متعين على الفرد، والمجتمع، ومن لم ير الكفاية في شرع الله تَعَالَى فأعرض عنه أو بدله بغيره ولو في بعضه؛ فإن هذا العمل شرك في الطاعة والاتباع، وشرك في توحيد الربوبية أيضًا؛ لأن من خصائصها السيادة، والحكم والتشريع، وكلها حق لله تَعَالَى لا يجوز صرفها لغيره سُبْحَانَهُ (٢).


(١) تفسير ابن كثير (٣/ ١٣١).
(٢) ينظر: حاشية كتاب التوحيد، لابن قاسم (ص ٢٧٦، وما بعدها)، والقول المفيد شرح كتاب التوحيد، لابن العثيمين (٢/ ١٤٩، وما بعدها).

<<  <  ج: ص:  >  >>