فإذا علم العبد ذلك فعليه أن يجاهد نفسه على التخلق بهذه الخلة والخصلة الكريمة، فيحلم على من عصا أمره ومن خالفه، ويحلم على خدمه ومن تحت أمرته كما حلم الله عليه، قال تَعَالَى: ﴿وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ﴾ [القصص: ٧٧].
قال القرطبي ﵀:«فمن الواجب على من عرف أن ربه حليم على من عصاه، أن يحلم هو على من خالف أمره، فذاك به أولى حتى يكون حليمًا، فينال من هذا الوصف بمقدار ما يكسر سورة غضبه، ويرفع الانتقام عمن أساء إليه، بل يتعود الصفح حتى يعود الحلم له سجية.
وكما تحب أن يحلم عنك المالك، فاحلم أنت عمن تملك؛ لأنك متعبد بالحلم، مثاب عليه، قال الله تَعَالَى: ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾ [الشورى: ٤٠]، وقال ﴿وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ [الشورى: ٤٣]». (١)
وفي الملحق التالي ما يعين -بإذن الله- على التخلق بخلق الحلم والاتصاف به.