للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الحسن البصري : «حلماء لا يجهلون، وإن جهل عليهم حلموا» (١).

أن الحلم من الصفات التي يحبها الله؛ فعن ابن عباس قال: قال رسول الله لأشج عبد القيس : «إِنَّ فِيكَ خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللهُ: الْحِلْمُ، وَالْأَنَاةُ» (٢)، وعن عائشة أن النبي قال: «اللهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ، وَمَا لَا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ» (٣).

أن الحلم سبب لإعانة الله للعبد؛ فعن أبي هريرة «يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ، وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ فَقَالَ: لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ (٤)، وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ» (٥).

قال النووي : «ومعناه: كأنما تطعمهم الرماد الحار، وهو تشبيه لما يلحقهم من الألم بما يلحق آكل الرماد الحار من الألم، ولا شيء على هذا المحسن، بل ينالهم الإثم العظيم في قطيعته وإدخالهم الأذى عليه، وقيل: معناه إنك بالإحسان إليهم تخزيهم وتحقرهم في أنفسهم؛ لكثرة إحسانك


(١) تفسير ابن كثير (٦/ ١٢٢).
(٢) سبق تخريجه.
(٣) أخرجه البخاري، رقم الحديث: (٦٩٢٧)، ومسلم، رقم الحديث: (٢٥٩٣)، واللفظ له.
(٤) تسفهم: من السف، أي: تذر الشيء عليهم.
المل: الرماد الحار. ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (٢/ ٣٧٥)، شرح النووي على مسلم (١٦/ ١١٥).
(٥) أخرجه مسلم، رقم الحديث: (٢٥٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>