يقول الإمام ابن القيم ﵀:«فإنه سُبْحَانَهُ طيب لا يقبل إلا طيبًا، ثم ختم الآيتين بصفتين يقتضيهما سياقهما، فقال: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾ [البقرة: ٢٦٧]، فغناه وحمده يأبى قبول الرديء، فإن قابل الرديء الخبيث، إما أن يقبله لحاجته إليه، وإما أن نفسه لا تأباه لعدم كمالها وشرفها، وأما الغني عنه الشريف القدر الكامل الأوصاف؛ فإنه لا يقبله»(١).
وكذلك يقال في وجه هذا الاقتران مثل ما قيل في اقتران اسمي الله العزيز والحميد؛ فإن الغنى في العادة يقود إلى الطغيان والبطر، كما قال تَعَالَى: ﴿كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (٦) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى﴾ [العلق: ٦ - ٧] أما غنى الرب المحمود بأفعاله؛ فهو غنى مع البذل والعطاء، الذي يستوجب الحمد والثناء.
ثالثًا: اقتران اسمه سُبْحَانَهُ (الحميد) باسمه سُبْحَانَهُ (الحكيم):
وذلك مرة واحدة في كتاب الله: في قوله تَعَالَى: ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ [فصلت: ٤٢].
وجه الاقتران:
يقول الشيخ السعدي ﵀: «﴿تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ﴾ في خلقه وأمره، يضع كل شيء موضعه وينزله منازله، ﴿حميد﴾ على ما له من صفات الكمال