للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

، فحمد نفسه، وفي ضمنه إرشاد العباد ليحمدوه على إرسال الرسول إليهم، وإنزال الكتاب عليهم» (١).

محامد ونعم دنيوية:

حمده على تسخير الكون لخدمة عبيده:

ولعل من أفضل ماقيل في ذلك: قول ابن القيم : «الدنيا قرية، والمؤمن رئيسها، والكل مشغول به، ساع في مصالحه، والكل قد أقيم في خدمته وحوائجه؛ فالملائكة الذين هم حملة عرش الرحمن ومن حوله يستغفرون له، والملائكة الموكلون به يحفظونه، والموكلون بالقطر والنبات يسعون في رزقه ويعملون فيه، والأفلاك سخرت منقادة دائرة بما فيه مصالحه، والشمس والقمر والنجوم مسخرات جاريات بحساب أزمنته وأوقاته وإصلاح رواتب أقواته.

والعالم الجوي مسخر له برياحه وهوائه وسحابه وطيره، وما أودع فيه، والعالم السفلي كله مسخر له مخلوق لمصالحه أرضه وجباله، وبحاره وأنهاره، وأشجاره وثماره، ونباته وحيوانه، وكل ما فيه، كما قال سُبْحَانَهُ: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ (٣٢) وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ (٣٣) وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ﴾ [إبراهيم: ٣٢ - ٣٤]، فالسائر في معرفة آلاء الله وتأمل حكمته وبديع صفاته أطول باعًا، وأملأ صواعًا من اللصيق بمكانه، المقيم في بلد عادته وطبعه» (٢).


(١) تفسير السعدي (١/ ٤٦٩).
(٢) مفتاح دار السعادة (١/ ٢٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>