للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه الخبير الذي يحيط علمه بخلقه في الآخرة كما أحاط بهم في الدنيا، قال تَعَالَى: ﴿أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (٩) وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ (١٠) إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ﴾ [العاديات: ٩ - ١١] وإنما «خص خبره بذلك اليوم، مع أنه خبير بهم في كل وقت؛ لأن المراد بذلك: الجزاء بالأعمال الناشئ عن علم الله واطلاعه» (١).

وبمقتضى علمه وخبرته يجازيهم على ما كان منهم من الأقوال، والأعمال، والنوايا، قال تَعَالَى: ﴿وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ [هود: ١١١]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (٩) وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ (١٠) إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ﴾ [العاديات: ٩ - ١١]،

فلا يخاف المحسن ضياعًا ولا نقصًا ولا نسيانًا لحسناته وثوابها، وإن كانت مجرد نية لم يتبعها عمل كما قال : «فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً» (٢).

قال ابن عاشور في مناسبة ختم قوله تَعَالَى: ﴿وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ [المنافقون: ١١] باسمه الخبير: «وإيقاع هذه الجملة بعد ذكر ما يقطعه الموت من ازدياد الأعمال الصالحة؛ إيماء إلى أن ما عسى أن يقطعه الموت من العزم على العمل إذا كان وقته المعين له شرعًا ممتدًّا، كالعمر للحج على المستطيع لمن لم يتوقع طرو مانع، وكالوقت المختار للصلوات- أن حيلولة الموت دون إتمامه لا يرزئ المؤمن ثوابه؛ لأن المؤمن إذا اعتاد حزبًا أو عزم على عمل صالح ثم عرض له ما منعه منه؛ أن الله يعطيه أجره.


(١) تفسير السعدي (ص: ٩٣٣).
(٢) أخرجه مسلم، رقم الحديث: (١٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>