وأخبرهم الخبير بأنه المستحق للعبودية وحده، وأن كل ما سواه لا يستحق منها شيئًا؛ إذ هو فقير عاجز لا يملك شيئًا لنفسه ولا لعابده، فليس بيده نفع ولا ضر ولا تصريف ولا ملك لشيء قليل ولا كثير، بل حتى ولا القطمير ﴿وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ﴾ [فاطر: ١٣]، فما كان كذلك كيف يدعى ويعبد؟ وكيف يجعل ندًّا لله الملك الذي بيده كله شيء؟
ثم إنه في آية فاطر: ﴿إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ﴾ [فاطر: ١٤] أخبر بأمور كل واحد منها كاف لنبذ كل معبود سوى الله، ونبذ العبادة إليه؛ إذ أخبر (١):
أولًا: أن هذه المعبودات لا تسمع ولا تعلم بعابدها وداعيها؛ لأنهم ما بين جماد، وأموات، وملائكة مشغولين بطاعة ربهم ﴿إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ﴾ [فاطر: ١٤]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ﴾ [الأحقاف: ٥].
ثانيًا: أن هذه المعبودات من دون الله لو قدر أنها سمعت وعلمت بعابدها وداعيها؛ فهي لا تملك شيئًا ولا حتى الشفاعة التي تعلق بها الكثير ﴿قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا﴾ [الزمر: ٤٤]، فكيف تجيبهم لمطالبهم؟! ﴿وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ﴾ [فاطر: ١٤].
ثالثًا: أن هذه المعبودات من دون الله تتبرأ يوم القيامة من عابدها وداعيها، ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ﴾ [فاطر: ١٤]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (٨١) كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا﴾ [مريم: ٨١، ٨٢].
(١) ينظر: تفسير ابن كثير (٦/ ٥٤١)، وتفسير السعدي (ص: ٦٨٧).