للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومع هذا الإقرار منهم إلا أنه لم يكفهم في الدخول في الإسلام لإخلالهم بتوحيد الألوهية الذي بعث الله الرسل داعين إليه، كما قال تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل: ٣٦].

- وأما توحيد الألوهية:

فاسم (الرب) ﷿ يقتضي ويستلزم عبادة الله وحده دون ما سواه؛ إذ إن الخالق للكون وما فيه، والمالك لكل شيء من العالم العلوي، والعالم السفلي، ما نبصره منه، وما لا نبصره، والمتصرف فيه بالإحياء، و الإماتة، والرزق، والتدبير هو المستحق للعبادة وحده، فإن كل من دونه عبيد مربوبون لا خلق لهم ولا ملك، عاجزون من جميع الوجوه، فكيف يتخذون أندادًا وشركاء لله؟! (١).

وقد احتج الله بالربوبية على الألوهية في مواضع عديدة من كتابه بأساليب متنوعة، منها: قوله تَعَالَى: ﴿أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ﴾ [الأعراف: ١٩١]، وقوله: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ﴾ [الزمر: ٣٨].

ففي هذه الآيات احتجاج على العباد بأن الله هو وحده مالك الأرض والسماء ومن فيها، وخالقهم وربهم ومليكهم، فإذا كان كذلك فهو وحده إلههم ومعبودهم، فكما لا رب لهم غيره، فهكذا لا إله لهم سواه (٢).


(١) ينظر: تفسير السعدي (ص: ٥٥٧).
(٢) ينظر: مدارج السالكين، لابن القيم (١/ ٤١٣)، وفقه الأسماء الحسنى، للبدر (ص: ٩٤ - ٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>