للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال حماد بن سلمة : «ما يسرني أن أمري يوم القيامة إلى أبوي» (١).

٢ - أن رحمة الرحمن الرحيم سبقت غضبه؛ إذ استوى سُبْحَانَهُ على عرشه وكتب كتابًا عنده وضعه على عرشه «إن رحمته سبقت غضبه»، فكان كالعهد للخليقة كلهم بالرحمة، والعفو، والصفح، والمغفرة، والتجاوز، والستر، والإمهال، والحلم، والأناة، كما جاء في الحديث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : «إِنَّ اللَه كَتَبَ كِتَابًا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الخَلْقَ: إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي، فَهُوَ مَكْتُوبٌ عِنْدَهُ فَوْقَ العَرْشِ» (٢)، فقام العالم العلوي والسفلي بمضمون هذا الكتاب، الذي لولاه لكان للخلق شأن آخر (٣).

قال الطيبي : «في سبق الرحمة إشارة إلى أن قسط الخلق منها أكثر من قسطهم من الغضب، وأنها تنالهم من غير استحقاق، وأن الغضب لا ينالهم إلا باستحقاق، فالرحمة تشمل الشخص جنينًا ورضيعًا وفطيمًا وناشئًا، قبل أن يصدر منه شيء من الطاعة، ولا يلحقه من الغضب إلا بعد أن يصدر عنه من الذنوب ما يستحق معه ذلك» (٤).

٣ - وضع رحمة واحدة بين خلقه يتراحمون بها فيما بينهم، فيرحم الغني الفقير، والكبير الصغير، والأم أولادها، سواء كانت إنسانًا أو حيوانًا وحشًّا


(١) حلية الأولياء (٤/ ١٥٠).
(٢) أخرجه البخاري، رقم الحديث: (٧٥٥٤)، ومسلم، رقم الحديث: (٢٧٥١). واللفظ للبخاري.
(٣) ينظر: مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة، لابن القيم (ص: ٣٦٩).
(٤) فتح الباري، لابن حجر (٦/ ٢٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>