للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- وما رواه سعد بن أبي وقاص ، قال: «جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى رَسُولِ اللهِ فَقَالَ: عَلِّمْنِي كَلَامًا أَقُولُهُ؟ قَالَ: قُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلهِ كَثِيرًا، سُبْحَانَ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ قَالَ: فَهَؤُلَاءِ لِرَبِّي فَمَا لِي؟ قَالَ: قُلِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَاهْدِنِي، وَارْزُقْنِي» (١).

وبعد هذا فإن من الأدب في سؤال الله رحمته أن تسأل على سبيل الجزم لا التعليق على المشيئة والتردد؛ فقد جاء عن أبي هريرة أن رسول الله قال: «لَا يَقُولَن أَحَدُكُمْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ؛ لِيَعْزِمِ المَسْأَلَةَ؛ فَإِنَّه لَا مُكْرِهَ لَهُ» (٢).

قال القرطبي : «إنما نهى الرسول عن هذا القول؛ لأنه يدل على فتور الرغبة وقلة الاهتمام بالمطلوب، فإن هذا القول يتضمن أن هذا المطلوب إن حصل وإلا استغنى عنه، ومن كان هذا حاله لم يتحقق من حالته الافتقار والاضطرار الذي هو روح عبادة الدعاء، ودليل على قلة معرفته بذنوبه وبرحمة ربه، وأيضًا فإنه لا يكون موقنًا بالإجابة، وفي الحديث: (ادْعُوا الله وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ، واعْلَمُوا أَنَّ اللهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لاهٍ) (٣)» (٤).


(١) أخرجه مسلم، رقم الحديث: (٢٦٩٦).
(٢) أخرجه البخاري (٦٣٣٩)، ومسلم (٢٦٧٩). واللفظ للبخاري.
(٣) أخرجه أحمد (٦٦٥٥)، والترمذي (٣٤٧٩)، حكم الألباني: حسن، صحيح الجامع الصغير (٢٤٥). واللفظ للترمذي.
(٤) المفهم شرح صحيح مسلم، القرطبي (٢٢/ ٨٧). ينظر: حاشية كتاب التوحيد، لعبد الرحمن ابن قاسم (ص: ٣٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>