فأما سلامة ذاته: فذاته العلية سالمة من كل عيب ونقص يمكن أن تتخيله الأوهام وتمليه الخواطر والأفكار، فهو بذاته نور سُبْحَانَهُ، يقول تَعَالَى: ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [النور: ٣٥]، وحجابه- الذي لولا لطفه، لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه- نور، وبه استنار العرش، والكرسي، والشمس، والقمر، والسماء والأرض، بل وبه استنارت الجنة (١).
ومن كمال هذه الذات وجلالها: أن أهل الجنة مع عظم ما هم فيه من النعيم الذي لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، إذا راوا ذاته الجليلة نسوا كل نعيم نظروا إليه؛ إذ هو الجميل الذي سلم من كل عيب ونقص.
وأما سلامة أسمائه: فأسمائه التي لا تحصى عدًّا جميعها سلام من العيب والنقص، وسلام من الدلالة على ما فيه ذم وقدح، بل كلها حسنى بلغت من الحسن أجمعه، قال تَعَالَى: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ [الأعراف: ١٨٠]؛ فكلها أسماء مدح وحمد وثناء وتمجيد وسلام.
وأما سلامة صفاته وأفعاله: فكل صفة من صفاته، وكل فعل من أفعاله سلام من كل عيب ونقص وخلل.
وفي تفصيل هذا وتقريره يقول ابن القيم ﵀: «ولذلك إذا نظرت إلى أفراد صفات كماله وجدت كل صفة سلامًا مما يضاد كمالها: فحياته سلام من الموت ومن السِّنة والنوم، وكذلك قيوميته وقدرته سلام من التعب واللغوب، وعلمه سلام من عزوب شيء عنه، أو عروض نسيان أو حاجة إلى تذكر