للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم تتصل به تاء التحديد التي تدل على الخصلة الواحدة فلم يقل: (السلامة عليكم)، إيذانًا بالسلامة المطلقة وعمومها لكل شر، بل شمولها لحصول الخير أيضًا؛ إذ فوات الخير يمنع السلامة المطلقة، فإن العبد إذا فاته الخير قد يحصل له الهلاك والعطب، أو النقص والضعف (١).

وجاء مع السلام حرف (على)، وكأن الذي يسلم على أخيه المسلم يلقي عليه هذا اللفظ إيذانًا باشتمال معناه، كاشتمال ملابسه عليه، فالسلامة تحيط به، كما يحيط به ثوبه.

وأضيف للسلام الرحمة والبركة؛ وذلك لأن الإنسان لا سبيل له إلى انتفاعه بالحياة إلا بثلاثة أشياء (٢):

أ-سلامته من الشر، وقد تضمنها (السلام عليكم).

ب-حصول الخير له، وقد تضمنه (ورحمة الله).

ج-دوام الخير وثباته، وقد تضمنه (وبركاته).

وبهذه المعاني الجليلة كان السلام أولى من جميع تحيات الأمم، وفيما يلي جملة من الفضائل والخصائص التي تدل على تميز هذه التحية عن سائر التحيات الأخرى، ومن ذلك:

أن السلام تحية ربانية، طيبة مباركة؛ فالله ﷿ تولى تشريعه بنفسه ورضيه تحية لخير الأمم أمة محمد ، بخلاف غيره من التحيات التي ترجع للأعراف والثقافات، ويدل على هذا قوله تَعَالَى: ﴿فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا


(١) ينظر: أحكام أهل الذمة (١/ ٤٢٠).
(٢) ينظر: بدائع الفوائد (٢/ ١٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>