للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أساء إليهما فما شكرهما على صنيعهما؛ بل جحد أفضالهما عليه، ومن لم يشكرهما فإنه لم يشكر الله الذي أجرى تلك النعم على أيديهما، وقال الرسول : «رَغِمَ أَنْفُهُ، ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُهُ، ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُهُ، قيل: من يا رسول الله؟ قال: مَنْ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ عِنْدَ الْكِبَرِ، أَحَدَهُمَا أَوْ كِلَيْهِمَا، ثُمَّ لَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ» (١).

من أذم الخصال: أن لا تشكر المرأة زوجها مع إحسانه، فأكبر إحسان أنه اختار المرأة من نساء العالمين، وربط اسمه باسمها، وجعلها موطن الولد له، وأسكنها بيته، وإبراهيم لما زار بيت ابنه إسماعيل وسأل كيف رزقكم؟ فذمت، فقال: قولي لزوجك إذا أتى يغير عتبة داره، ولما أتى أسماعيل قال: ذاك أبي أبراهيم وأمرني أن أطلقك (٢)؛ لأنها امرأة لا تشكر، وفي الصحيحين أنه قال: «يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ، تَصَدَّقْنَ وَأَكْثِرْنَ الاسْتِغْفَارَ، فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ، فقالت امرأة منهن جزلة: وما لنا أكثر أهل النار؟ قال: تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ العَشِيرَ» (٣) «جزلة» بفتح الجيم وسكون الزاي أي: ذات عقل ورأي، والجزالة: العقل والوقار، فقد توعد على كفران العشير، وهو في الأصل: المعاشر، والمراد هنا: الزوج، توعد على كفران العشير والإحسان بالنار؛ فدل على أنه كبيرة على نص أحمد بخلاف اللعن، فإنه قال: «تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ» والصغيرة تصير كبيرة بالكثرة.


(١) أخرجه مسلم (٢٥٥١).
(٢) أخرجه البخاري (٣٣٦٤).
(٣) أخرجه مسلم (٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>