للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ [الرعد: ٤].

«فمن الآيات على كمال قدرته وبديع صنعته: أن جعل ﴿وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ﴾ فيها أنواع الأشجار ﴿مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ﴾ وغير ذلك، والنخيل التي بعضها ﴿صِنْوَانٌ﴾ أي: عدة أشجار في أصل واحد، ﴿وَغَيْرُ صِنْوَانٍ﴾ بأن كان كل شجرة على حدتها، والجميع ﴿صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ﴾ وأرضه واحدة ﴿وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ﴾ لونًا وطعمًا ونفعًا ولذة؛ فهذه أرض طيبة تنبت الكلأ والعشب الكثير والأشجار والزروع، وهذه أرض تلاصقها لا تنبت كلأ ولا تمسك ماء، وهذه تمسك الماء ولا تنبت الكلأ، وهذه تنبت الزرع والأشجار ولا تنبت الكلأ، وهذه الثمرة حلوة، وهذه مُرَّة، وهذه بين ذلك» (١).

- الدعوة للنظر في عجائب البحار، ومنه قوله تَعَالَى: ﴿مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (١٩) بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ (٢٠) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ [الرحمن: ١٩ - ٢١].

«والمراد بالبحرين: البحر العذب، والبحر المالح، فهما يلتقيان كلاهما، فيصب العذب في البحر المالح، ويختلطان ويمتزجان، ولكن الله تَعَالَى جعل بينهما برزخًا من الأرض، حتى لا يبغي أحدهما على الآخر، ويحصل النفع بكل منهما، فالعذب منه يشربون وتشرب أشجارهم وزروعهم، والملح به يطيب الهواء ويتولد الحوت والسمك، واللؤلؤ والمرجان، ويكون مستقرًّا مسخرًا للسفن والمراكب» (٢).


(١) المرجع السابق (ص ٤١٢).
(٢) تفسير السعدي (ص ٨٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>