للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مكانها، ويسمع أصواتها، ويعلم أحوالها كما قال سُبْحَانَهُ: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ﴾ [آل عمران: ٥].

- ومن مظاهر شهوده سُبْحَانَهُ:

- هو الشهيد الذي يرى الكون كله وهو مستو على عرشه، يرى الهباءة الطائرة والجبال الشاهقة، ويرى الحيوانات والنباتات والذرات في قعر البحر الأسود، ويسمع دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء، في الليلة الظلماء فسبحان ﴿الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ [البروج: ٩].

- هو الشهيد القريب من خلقه، الذي يراهم جميعًا في آن واحد، ويسمع ما يتناجون به ويرى ما يخوضون فيه، ويعلم ما يجول في خواطرهم، وما تهجس به ضمائرهم، ولا يغيب عنه من أمرهم شيء يقولونه أو يفعلونه أو يكتمونه قال تَعَالَى: ﴿وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ (١) وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ [يونس: ٦١].

- هو الشهيد الذي يشهد أعمال العباد، ظاهرها وباطنها، خيرها وشرها، ويحصيها عليهم قبل فعلها وبعد فعلها؛ لأنه علم ذلك وكتبه في اللوح المحفوظ، قال تَعَالَى: ﴿يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ [المجادلة: ٦] (٢).


(١) تخصيص القرآن بالذكر مع أنه داخل فيما قبله ﴿وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ﴾ وما بعده ﴿وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ﴾ تعظيمًا لشأنه ودعوة للعناية به.
(٢) ينظر: تفسير السعدي (ص: ٩١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>