للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيُقَالُ لِأُمَّتِهِ: هَلْ بَلَّغَكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: مَا أَتَانَا مِنْ نَذِيرٍ، فَيَقُولُ: مَنْ يَشْهَدُ لَكَ؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ، فَتَشْهَدُونَ أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ: ﴿وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾ [البقرة: ١٤٣] فَذَلِكَ قَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾ [البقرة: ١٤٣]» والوسط: العدل. (١)

وأيضًا هذه الأمة يشهد بعضها على بعض، فتقبل شهادتها: عن أنس بن مالك قال: «مَرُّوا بِجِنَازَةٍ، فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا، فَقَالَ النَّبِيُّ : وَجَبَتْ». ثُمَّ مَرُّوا بِأُخْرَى فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا، فَقَالَ: وَجَبَتْ». فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : مَا وَجَبَتْ؟ قال: هَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرًا فَوَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ، وَهَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا فَوَجَبَتْ لَهُ النَّارُ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ فِي الأَرْضِ» (٢).

وتشهد الملائكة الكرام الكاتبون الذين يرقبون أعمال العبد وأقواله، ويتلقيان أعماله كلها، كما قال تَعَالَى: ﴿إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (١٧) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ [ق: ١٧] ويشهدان عليه بما عمل، قال تَعَالَى: ﴿وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ﴾ [ق: ٢١]، قال ابن كثير : «ملك يسوقه إلى المحشر، وملك يشهد عليه بأعماله» (٣).

وتشهد الجوارح والأعضاء على أصحابها، فإن الكافر يوم القيامة يحاول الفرار من عذاب الله بكتمان ما عمل كما قالسُبْحَانَهُ: ﴿فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [النحل: ٢٨]، وقال حكاية


(١) أخرجه البخاري، رقم الحديث: (٤٤٨٧).
(٢) أخرجه البخاري، رقم الحديث: (١٣٦٧) واللفظ له، ومسلم، رقم الحديث: (٩٤٩).
(٣) تفسير ابن كثير (٧/ ٤٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>