للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهو الصمد في ذاته التي لا يقدر قدرها ولا كمالها ولا جلالها إلا هو سُبْحَانَهُ، فتعالت ذاته العلية عن النقائص فلم تحتج إلى جوف ولا أحشاء ولا طعام ولا شراب ولا داخل ولا خارج، كما هو الحال في المخاليق، قال تَعَالَى: ﴿اللَّهُ الصَّمَدُ (٢) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ﴾ [الإخلاص: ٢، ٣]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ﴾ [الأنعام: ١٤] وقرأ بعضهم بالفتح: «ولا يَطْعَمُ» أي: لا يأكل (١).

وهو الصمد في أسمائه فكلها حسنى بلغت من الكمال المنتهى، قال تَعَالَى: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ [الأعراف: ١٨٠]، و تعالت عن الدلالة على الذم والقدح، أو الدلالة على الاسم المجرد عن الصفة قال تَعَالَى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١].

وهو الصمد في صفاته، فلم يبق صفة كمال إلا اتصف بها، ووصف بغايتها وكمالها (٢).

فهو صمد في غناه، فلم يحتج للوالد ولا للولد فضلًا عن الصاحبة، قال تَعَالَى: ﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ﴾ [الإخلاص: ٣]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [الأنعام: ١٠١]، أي: «كيف يكون لله الولد، وهو الإله السيد الصمد الذي لا صاحبة له، أي: لا زوجة له، وهو الغني عن مخلوقاته، وكلها فقيرة إليه، مضطرة في جميع أحوالها إليه، والولد لا بد أن يكون من جنس والده، والله


(١) ينظر: تفسير ابن كثير (٣/ ٢٤٣).
(٢) بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار، للسعدي (ص: ٢٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>