للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾ [يونس: ٢٢]، وقال تَعَالَى: ﴿فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ﴾ [العنكبوت: ٦٥].

وكل هذا يوجب للعبد ألا يلجأ إلا لربه الصمد، ولا يطلب حاجته إلا منه، ولا تكون استعانته إلا به، ولا يكون توكله إلا عليه؛ كما قال لا بن عباس معلمًا ولغيره من الأمة: «يَا غُلَامُ، إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ، احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ الله لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ الله عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ» (١) (٢).

فتجد المؤمن يصمد إلى ربه الصمد، فيرفع حوائجه إليه، ولا يشكو فاقته إلا إليه، ويتعلق به، ويتضرع إليه، ويرفع كفيه إليه يناديه ويناجيه، فما يلبث إلا ودعاؤه مجاب، وفاقته مسدوده، وحاجته مقضيه، كما جاء عن ابن مسعود ، قال: قال رسول الله : «مَنْ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ، فَأَنْزَلَهَا بِالنَّاسِ، لَمْ تُسَدَّ فَاقَتُهُ، وَمَنْ أَنْزَلَهَا بِاللَّهِ، أَوْشَكَ الله لَهُ بِالْغِنَى، إِمَّا بِمَوْتٍ عَاجِلٍ، أَوْ غِنًى عَاجِلٍ» (٣).


(١) أخرجه أحمد، رقم الحديث: (٢٧١٣)، والترمذي، رقم الحديث: (٢٥١٦)، حكم الألباني: صحيح، صحيح وضعيف سنن الترمذي، رقم الحديث: (٢٥١٦).
(٢) ينظر: النهج الأسمى، للنجدي (٢/ ١٠٦).
(٣) أخرجه أبو داود، رقم الحديث: (١٦٤٥)، حكم الألباني: صحيح، صحيح وضعيف سنن أبي داود، رقم الحديث: (١٦٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>