للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآن لم يبتلوا بمثلها؛ لكان صادقًا، فإن التواريخ لم تتضمن ما يقاربها، ومن أعظم ما يذكرون: فعل بخت نصر ببني إسرائيل بالبيت المقدس، وما البيت المقدس بالنسبة إلى ما خرب هؤلاء الملاعين؟! وما بنو إسرائيل بالنسبة إلى ما قتلوا؟!» (١).

قال ابن كثير متمًّا لكلام ابن الأثير: «ولعل الخلائق لا يرون مثل هذه الحادثة إلى أن ينقرض العالم وتفنى الدنيا، إلا يأجوج ومأجوج، وأما الدجال فإنه يبقي على من اتبعه ويهلك من خالفه، وهؤلاء لم يبقوا على أحد، بل قتلوا الرجال والنساء والأطفال، وشقوا بطون الحوامل وقتلوا الأجنة، فإنا لله وإنا إليه راجعون»، (٢) ثم ماذا كان؟

أعز الله دينه، فولى الأحزاب، والمرتدون، والقرامطة، والفرنج وحتى التتار ولم يبق إلا الإسلام، قال تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ﴾ [الأنفال: ٣٦] فلم تجد أموالهم، ولا أسلحتهم ولا قوتهم وجموعهم شيئًا؛ لأنهم أرادوا إطفاء نور الله وظهور كلمتهم على كلمة الحق، والله متم نوره ولو كره الكافرون، وناصر دينه، ومعلن كلمته، ومظهر دينه على كل دين.

فهذا الخزي لهم في الدنيا، ولهم في الآخرة عذاب النار، فمن عاش منهم، رأى بعينه وسمع بأذنه ما يسوءه، ومن قُتل منهم أو مات، فإلى الخزي الأبدي والعذاب السرمدي (٣).


(١) الكامل في التاريخ، لابن الأثير (١٠/ ٣٣٣).
(٢) البداية والنهاية، ابن كثير (١٣/ ٨٧).
(٣) تفسير ابن كثير (٤/ ٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>