للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله : «وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ للهِ إِلَّا رَفَعَهُ» فيه أيضًا وجهان، أحدهما: يرفعه في الدنيا ويثبت له بتواضعه في القلوب منزلة، ويرفعه الله عند الناس ويجل مكانه، والثاني: أن المراد: ثوابه في الآخرة ورفعه فيها بتواضعه في الدنيا، قال العلماء: وهذه الأوجه في الألفاظ الثلاثة موجودة في العادة معروفة، وقد يكون المراد الوجهين معًا في جميعها في الدنيا والآخرة» (١).

الصبر على الظلم ولو كان فيه ذل له؛ فعن أبي كبشة الأنماري ، أنه سمع رسول الله يقول: «وَلَا ظُلِمَ عَبْدٌ مَظْلَمَةً فَصَبَرَ عَلَيْهَا، إِلَّا زَادَهُ اللهُ عِزًّا، وَلَا فَتَحَ عَبْدٌ بَابَ مَسْأَلَةٍ، إِلَّا فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ» (٢).

الاستغناء عن الناس وترك سؤالهم؛ قال تَعَالَى: ﴿لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا﴾ [البقرة: ٢٧٣] وعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، عِشْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ، وَأَحْبِبْ مَنْ أَحْبَبْتَ فَإِنَّكَ مُفَارِقُهُ، وَاعْمَلْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَجْزِيٌّ بِهِ «ثُمَّ قَالَ: «يَا مُحَمَّدُ شَرَفُ الْمُؤْمِنِ قِيَامُ اللَّيْلِ وَعِزُّهُ اسْتِغْنَاؤُهُ عَنِ النَّاسِ» (٣).

وقد ربى رسول الله أصحابه على ذلك؛ فقال لأبي ذر : «لَا تَسْأَلِ النَّاسَ شَيْئًا» قلت: نعم، قال: «وَلَا سَوْطَكَ إِنْ سَقَطَ مِنْكَ، حَتَّى تَنْزِلَ إِلَيْهِ


(١) شرح النووي على مسلم (١٦/ ١٤١).
(٢) أخرجه الترمذي، رقم الحديث: (٢٣٢٥)، حكم الألباني: صحيح، صحيح وضعيف سنن الترمذي، رقم الحديث: (٢٣٢٥).
(٣) أخرجه الحاكم في المستدرك، رقم الحديث: (٨٠١٦)، حكم الألباني: حسن، صحيح الجامع الصغير وزيادته، رقم الحديث: (٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>