للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول السعدي في تفسير هذه الآية: «يأمر تَعَالَى عباده المؤمنين بحسن الخلق والصبر على أذية المشركين به، الذين لا يرجون أيام الله أي: لا يرجون ثوابه ولا يخافون وقائعه في العاصين، فإنه تَعَالَى سيجزي كل قوم بما كانوا يكسبون، فأنتم يا معشر المؤمنين يجزيكم على إيمانكم وصفحكم وصبركم، ثوابًا جزيلًا» (١).

لذلك يجب أن يتصف الإنسان بالمغفرة للعباد، والصفح عنهم الصفح الجميل، ومن غفر للناس غفر الله له، ومن تجاوز عنهم تجاوز الله عنه، والجزاء من جنس العمل، يقول : «ارْحَمُوا تُرْحَمُوا، وَاغْفِرُوا يَغْفِرِ الله لَكُمْ … » (٢).

وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ «أَنَّهُ حَرَسَ لَيْلَةً مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِالْمَدِينَةِ، فَبَيْنَمَا هُمْ يَمْشُونَ شَبَّ لَهُمْ سِرَاجٌ فِي بَيْتٍ فَانْطَلَقُوا يَؤُمُّونَهُ حَتَّى إِذَا دَنَوْا مِنْهُ إِذَا بَابٌ مُجَافٍ عَلَى قَوْمٍ لَهُمْ فِيهِ أَصْوَاتٌ مُرْتَفِعَةٌ، فَقَالَ عُمَرُ وَأَخَذَ بِيَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَتَدْرِي بَيْتَ مَنْ هَذَا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: هَذَا بَيْتُ رَبِيعَةَ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ وَهُمُ الْآنَ شَرْبٌ فَمَا تَرَى؟ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَرَى قَدْ أَتَيْنَا مَا نَهَى اللهُ عَنْهُ، نَهَانَا اللهُ ﷿ فَقَالَ: ﴿وَلَا تَجَسَّسُوا﴾ فَقَدْ تَجَسَّسْنَا فَانْصَرَفَ عُمَرُ عَنْهُمْ وَتَرَكَهُمْ» (٣)، وهذا يدل على وجوب الستر، وترك التتبع.


(١) تفسير السعدي (ص: ٧٧٦).
(٢) أخرجه أحمد، رقم الحديث: (٧١٦٢)، والطبراني في مسند الشاميين، رقم الحديث: (١٠٥٥)، والبيهقي في الشعب، رقم الحديث: (٦٨٤٤)، حكم الألباني: صحيح، السلسلة الصحيحة، رقم الحديث: (٤٨٢).
(٣) أخرجه الطبراني في مسند الشاميين، رقم الحديث: (١٨٠٦)، والحاكم، رقم الحديث: (٨٢٢٨)، والبيهقي في الكبرى، رقم الحديث: (١٧٧٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>