للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سابق، يقول تَعَالَى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [فاطر: ١]، وفي بيان مظاهر ذلك ما يلي:

أنه سُبْحَانَهُ فطر السماء والأرض في ستة أيام، وفطر الأرض الكثيفة العظيمة، في يومين، قال تَعَالَى: ﴿قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [فصلت: ٩] ثم بسطها في يومين، وجعل فيها رواسي من فوقها، ترسيها عن الزوال والتزلزل، فكمل خلقها، وأخرج أقواتها، وتوابع ذلك قوله تَعَالَى: ﴿فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ﴾ [فصلت: ١٠]، ثم بعد أن خلق الأرض خلق السماء ذات الجرم العظيم، والخلق القوي، والارتفاع الباهر في يومين، كما قال سُبْحَانَهُ: ﴿فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا﴾ [فصلت: ١٢] (١).

كل ذلك من غير تعب، ولا نصب، ولا إعياء، يقول تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ﴾ [ق: ٣٨]. (٢)

فطر الأرض وبسطها، قال تَعَالَى: ﴿وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا (١٩) لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا﴾ [نوح: ١٩ - ٢٠] فسهلها غاية التسهيل؛ ليستقر الخلائق على ظهرها، وأودع فيها من المنافع والمصالح لهم ما أودع، قال تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ﴾ [الأعراف: ١٠]، فأخرج منها الأشجار والنبات، ومعادن الأرض، وأنواع الصنائع والتجارات، وشق فيها الأنهار


(١) ينظر: تفسير السعدي (ص: ٧٤٥).
(٢) ينظر: المرجع السابق (ص: ٨٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>