للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨ - أنه بقدرته يكرم أهل الجنة بألوان النعيم مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر من غير انقطاع ولا زوال، قال تَعَالَى: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (٥٤) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ﴾ [سورة القمر: ٥٤ - ٥٥]،

وبقدرته يعذب المكذبين بأصناف العذاب وألوان النكال من غير زوال ولا انقطاع بحال من الأحوال (١).

وكل ذلك الخلق وما فيه من كثرة وتنوع واختلاف، والبعث وما فيه من تفرق واجتماع ما هو إلا كخلق نفس واحدة وبعثها؛ إذ لا يتعذر على الله القدير شيء أراده، ولا يمتنع منه شيء شاءه، قال تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [يس: ٨٢]، فسواء خلق واحد وبعثه، وخلق الجميع وبعثهم، قال تَعَالَى: ﴿مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾ [لقمان: ٢٨] (٢).

وأما كمال قدرته:

فقدرته كاملة سالمة من اللغوب، والإعياء، والتعب، والعجز عما يريد، قائمة على العلم، والملك، والحكمة، والقهر، والنصر ونحو ذلك من صفات كماله.

فهو القدير الذي أحاط بكل شيء علمًا، فعلم السرائر والضمائر والظواهر، لا تخفى عليه خافية، ولا تغيب عنه مثقال ذرة ولا أصغر من ذلك في جميع أقطار الأرض والبحار والجبال، قال تَعَالَى: ﴿قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا


(١) ينظر: الحق الواضح المبين، للسعدي (ص ٤٥ - ٤٦).
(٢) ينظر: تفسير الطبري (٢٠/ ١٥٣)، تفسير السعدي (ص: ٦٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>