للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحكم بشرعه، فأحل ما شاء، وحرم ما شاء، وأباح ما شاء، وحظر ما شاء، ونسخ وبدل وغير من أحكامه ما شاء، وأقر منها ما شاء، يحكم بما يريد، لا معقب لحكمه، ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون، قال تَعَالَى: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [البقرة: ١٠٦] (١).

ثم هدى لشرعه من شاء، وضل عنه من شاء، ووفق إليه من شاء، وخذل عنه من شاء، القلوب بيده يصرفها على ما يشاء، قال تَعَالَى: ﴿عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [الممتحنة: ٧] (٢).

وهو القدير الذي قهر أعداءه بما أوقع عليهم من أنواع العقوبات وبما أحل عليهم من المَثُلَات، قال تَعَالَى: ﴿أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا﴾ [فاطر: ٤٤].

«فخليت منهم منازلهم، وسلبوا ما كانوا فيه من النعم بعد كمال القوة، وكثرة العَدد والعُدد، وكثرة الأموال والأولاد، فما أغنى ذلك شيئًا، ولا دفع عنهم من عذاب الله من شيء» (٣).

فها هو فرعون وجنده مع ما هم فيه من الملك والجبروت، لما أتى أمر الله لم يغن عنهم ذلك شيئًا، قال تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ (٤١) كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا


(١) ينظر: تفسير الطبري (٢/ ٤٨٨)، تفسير ابن كثير (١/ ٣٧٨).
(٢) طريق الهجرتين، لابن القيم (ص: ١٢٨).
(٣) تفسير ابن كثير (٦/ ٥٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>