للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«لقد نزل في النضر بن الحارث بضع عشرة آية، فحاق به ما سأل من العذاب يوم بدر» (١).

ولا يلزم من إجابته لهم ولا لغيرهم من الكفار محبتهم وإكرامهم والرضى بما هم عليه، وإنما يجيبهم لحِكَم، منها: الابتلاء للعباد كما في إجابة إبليس، ومنها: تكفله برزق خلقه في الدنيا فإذا طلبوا منه ذلك أعطاهم إياه، وأيضًا: إقامة حجته عليهم، وإظهارًا لكرمه وجوده ومنته على العالمين، واستدراجهم بتعجيل الخير لهم في الدنيا ليذوقوا العذاب في العاقبة، قال تَعَالَى: ﴿أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (٥٥) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ [المؤمنون: ٥٥ - ٥٦]، ومنها: الانتصار للمظلوم؛ لتحريم الظلم حتى وإن كان على الكافر كما جاء في الحديث: «اتَّقُوا دَعْوَةَ المَظْلُومِ وَإِنْ كَانَ كَافِرًا؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ دُونَهَا حِجَابٌ» (٢).

- ويجيب المجيب أيضًا: المضطر إذا دعاه، ويغيث الملهوف إذا ناداه، ويكشف السوء عمن ناجاه، ويرفع الظلم عمن بث إليه شكواه، قال تَعَالَى: ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ﴾ [النمل: ٦٢]، وقال : «اتَّقُوا دَعْوَةَ المَظْلُومِ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ دُونَهَا حِجَابٌ» (٣)، الكل مفتقر إليه، لا قوام لحياته إلا عليه ولا ملجأ له منه إلا إليه، قال تَعَالَى: ﴿يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ [الرحمن: ٢٩] (٤).


(١) تفسير الخازن (٣/ ٢٨).
(٢) ينظر: مجموع الفتاوى، لابن تيمية (١/ ٢٠٦)، وإغاثة اللهفان من مصايد الشيطان، لابن القيم (١/ ٢١٥ - ٢١٦).
(٣) سبق تخريجه.
(٤) ينظر: الاعتقاد، للبيهقي (ص: ٥٩)، تفسير السعدي (ص: ٩٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>