للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ [البقرة: ١٨٦] (١).

فهذا نوح طال مقامه في قومه حتى لبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عامًا، ولم يؤمن منهم إلا قليل، وما زادهم طول المقام إلا تكذيبًا وعتوًّا، وكلما دعاهم ازدادوا نفورًا، فدعا ربه: ﴿أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ﴾ [القمر: ١٠]، ودعاه ﴿رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ﴾ [المؤمنون: ٢٦]، فأجابه المجيب القريب ﴿فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ (١١) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (١٢) وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ (١٣) تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ﴾ [القمر: ١١ - ١٤]، ومدح نفسه بذلك فقال تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ (٧٥) وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ﴾ [الصافات: ٧٥، ٧٦] (٢).

وهذا أيوب طال بلاؤه، واشتد ضره، ومات أهله، وذهب ماله، فنادى ربه: ﴿أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ [الأنبياء: ٨٣] فاستجاب له المجيب القريب: ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ﴾ [الأنبياء: ٨٤] (٣).

وهذا يونس علم أن ربه قريب منه وإن كان في بطن الحوت وقاع البحر وظلمة الليل، فناداه في الظلمات ﴿أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ [الأنبياء: ٨٧] فاستجاب له المجيب، فقال: ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ


(١) ينظر: المرجع السابق (ص: ٣٨٥، ٩٤٩).
(٢) ينظر: تفسير ابن كثير (٧/ ٢٢)، وتفسير السعدي (ص: ٧٠٥).
(٣) ينظر: تفسير السعدي (ص: ٥٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>