وأجاب أصحاب الكهف لما دعوا: ﴿رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا﴾ [الكهف: ١٠] فثبتهم على الحق، وحفظهم من شر قومهم، وجعلهم آية للعالمين.
وأجاب- أيضًا- الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة لما دعوا بتفريجها عنهم، فتزحزحت عن مكانها وظهر النور.
ولا زال ولا يزال القريب المجيب سُبْحَانَهُ يجيب أولياءه وأهل طاعته ولا يخيب رجائهم، إلا أنه قد يستشكل أن جماعة من العباد والصالحين قد دعوا وبالغوا ولم يجابوا؟!
والجواب: إجابة الله للسائل تتنوع: فتارة يقع المطلوب بعينه على الفور، وتارة يقع ولكن يتأخر لحكمه، وتارة تقع الإجابة ولكن بغير عين المطلوب حيث لا يكون في المطلوب مصلحة ناجزة وفي الواقع مصلحة ناجزة أو أصلح منها، وقد تدخر له أجرًا ومثوبة يوم القيامة، كما جاء في حديث أبي سعيد الخدري ﵁ أن النبي ﷺ قال:«مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ، وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ، إِلَّا أَعْطَاهُ الله بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الآخرة، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا، قالوا: إذًا نكثر، قال: اللهُ أَكْثَرُ»(١).
(١) أخرجه أحمد، رقم الحديث: (١١٣٠٢)، والبخاري في الأدب المفرد (٧١٠)، والبيهقي في شعب الإيمان، رقم الحديث: (١٠٩٠)، حكم الألباني: صحيح، صحيح الأدب المفرد، رقم الحديث: (٧١٠).