للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخزائنه ملأى لا تنفد ولا تنقص بالعطاء، ولو أعطى الأولين والأخرين من الإنس والجن، وأجابهم في كل ما سألوه، كما جاء في الحديث عن ربنا ﷿ أنه قال: «يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي، إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ» (١) (٢).

وعلم أنه يحب الداعين، ويستحي أن يردهم صفرًا خائبين، كما قال : «إِنَّ الله حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي إِذَا رَفَعَ الرَّجُلُ إِلَيْهِ يَدَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا خَائِبَتَيْنِ» (٣)، بل وينزل إلى السماء الدنيا في كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: «مَنْ يَدْعُونِي، فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ» (٤).

أوجب له ذلك كله التعلق بباب الله القريب المجيب، والتضرع بين يديه، وإنزال الحوائج إليه مع قوة الرجاء فيه، وحسن الظن به، والثقة بإجابته وإن عظمت المسألة، وكثر المطلوب، وتنوع المرغوب.

وعلى الضد من ذلك يوجب للقلب التخلص من داء القنوط من رحمة الله واليأس من روحه، كما يوجب تخلصه من التعلق بالمخاليق ورفع الحوائج


(١) سبق تخريجه.
(٢) ينظر: فقه الأسماء الحسنى، للبدر (ص: ٢٨٧، ٢٩٠).
(٣) أخرجه أبو داود، رقم الحديث: (١٤٨٨)، والترمذي واللفظ له، رقم الحديث: (٣٥٥٦)، وابن ماجه، رقم الحديث: (٣٨٦٥)، حكم الألباني: صحيح، صحيح وضعيف سنن الترمذي، رقم الحديث: (٣٥٥٦).
(٤) أخرجه البخاري، رقم الحديث: (١١٤٥)، ومسلم، رقم الحديث: (٧٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>