يقول السعدي ﵀: «قل يا أيها الرسول، للمشركين بالله غيره من المخلوقات، التي لا تنفع ولا تضر، ملزمًا لهم بعجزها، ومبينًا لهم بطلان عبادتها: ﴿ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ [سبأ: ٢٢] أي: زعمتموهم شركاء لله، إن كان دعاؤكم ينفع، فإنهم قد توفرت فيهم أسباب العجز، وعدم إجابة الدعاء من كل وجه، فإنهم ليس لهم أدنى ملك فـ ﴿لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ﴾ [سبأ: ٢٢] على وجه الاستقلال، ولا على وجه الاشتراك … ، ﴿وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ﴾ [سبأ: ٢٣]، فلم يبق إلا الشفاعة، فنفاها بقوله: ﴿وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ﴾ [سبأ: ٢٣]، فهذه أنواع التعلقات، التي يتعلق بها المشركون بأندادهم، وأوثانهم، من البشر، والشجر، وغيرهم، قطعها الله وبين بطلانها، تبيينًا حاسمًا لمواد الشرك، قاطعًا لأصوله؛ لأن المشرك إنما يدعو ويعبد غير الله،؛ لما يرجو منه من النفع، فهذا الرجاء، هو الذي أوجب له الشرك، فإذا كان من يدعوه (غير الله)، لا مالكًا للنفع والضر، ولا شريكًا للمالك، ولا عونًا وظهيرًا للمالك، ولا يقدر أن يشفع بدون إذن المالك، كان هذا الدعاء، وهذه العبادة، ضلالًا في العقل، باطلة في الشرع» (١).