للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الليلة الظلماء، وسمعه كمال يسمع ضجيج الأصوات باختلاف اللغات على تفنن الحاجات، ورحمته كمال فلا ضعف معها ولا حد، وسعت كل شيء، وحكمته كمال عمت كل مخلوق فلا عبث ولا لهو، وقدرته كمال في كل حال وآن لا يعجزها شيء في الأرض ولا في السماء، وقوته كمال لا ضعف معها ولا وهن، وعزته كمال لا غالب لها ولا ممانع، جل عن أن يرام أو أن يوصل إليه، وجماله لا حد ولا منتهى له، لو كشف حجابه لأحرقت سُبُحَاتُ وَجْهِه ما انتهى إليه بصره من خلقه، وهكذا في بقية صفاته أكبر من كل شيء، وأعظم من كل شيء، وأجل وأعلى (١).

وأما أفعاله فأفعال مجد وحمد، قال تَعَالَى: ﴿إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ﴾ [هود: ٧٣] دائرة بين الفضل والرحمة والعدل والحكمة، فما من نعمة عطاء ودفع ظاهرة ولا باطنة، صغيرة ولا كبيرة مما يعرف العباد ومما لا يعرفون إلا بفعله وإحسانه وبره، فالإحسان له ومنه، قال تَعَالَى: ﴿وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ﴾ [النحل: ٥٣] (٢)، وما من نقمة وبلية تنزل بالعبد إلا بفعله العدل الحكيم، فليس في أفعاله سُبْحَانَهُ ظلم ولا جور ولا شر ولا سفه، قال تَعَالَى: ﴿إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [هود: ٥٦]، أي: «على عدل وقسط وحكمة وحمد في قضائه وقدره، وفي شرعه وأمره، وفي جزائه وثوابه وعقابه، لا تخرج أفعاله عن الصراط المستقيم التي يحمد ويثنى عليه بها» (٣).

وأما أقواله فأقوال مجد وشرف، وصدق وعدل ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [الأنعام: ١١٥].


(١) ينظر: تفسير السعدي (ص: ٩٤٦)، والحق الواضح المبين (ص: ٣٣).
(٢) ينظر: تفسير السعدي (ص: ٤٣٧).
(٣) تفسير السعدي (ص: ٣٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>